طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري نحو عقد اجتماعي جديد

طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري نحو عقد اجتماعي جديد

  • طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري نحو عقد اجتماعي جديد

افاق قبل 2 سنة

طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري نحو عقد اجتماعي جديد

المحامي علي ابوحبله

أزمة ثقة واضحة وعميقة بين المواطن وسياسة الحكومة بالرغم من المكابرة التي عليها الحكومة ومحاولات الترقيع التي تمارسها وخاصة بعد افتضاح تبادل الوظائف لوزراء في الحكومة وقضية الصندوق المالي السري وإدارة الظهر لمطالب نقابة المحاميين وشل قدرات مؤسسات الحكومة عبر سلسلة من الإضرابات ووعود برسم التنفيذ  " لقد طفح الكيل لدى المواطن، وبات يضيق بكل السياسات والقرارات التي نتخذها، فدخله لم يتحسّن، بل تراجع مع تراجع القوة الشرائية في ظل الغلاء الفاحش غير المسبوق

ثمة أزمة مالية واقتصادية صحيح، وهنالك الاحتلال و ظروف إقليمية لها انعكاسات شديدة الوطأة على الاقتصاد الوطني، وكذلك الأمر أعباء كبيرة مرتبطة بتراجع الاستثمار وتردي الأوضاع ألاقتصاديه في ظل تضخم المديونية  ، ومعدل بطالة وصل إلى مستويات غير مسبوقة، كل ذلك صحيح، لكن الأزمة الأكثر أهمية وخطورة هي أزمة الثقة بين المؤسسات السياسية عموماً والمواطنين.

ليست فقط أزمة ثقة سياسية، بل أزمة سياسية لدى السلطة  نفسها مع غياب الرؤية الحقيقية لدى المسئولين لكيفية التعامل مع ممارسات الاحتلال وممارسة القتل اليومي وعمليات الاجتياح والقتل ومصادرة الاراضي والتوسع الاستيطاني ومحاولات فرض سياسة الأمر الواقع للتقسيم ألزماني والمكاني للمسجد الأقصى : أين نقف؟ ماذا نريد؟ ؟ ما هي استراتيجيات الحل؟.. نعم أيّها السادة نحن في تخبط مستمر منذ فترة طويلة، لا نضع مخططات إستراتيجية أو سياسات مستقبلية إلاّ ونرميها في الأدراج، وننقلب عليها أو نتجاهلها قبل أن يجف حبرها! هكذا تعاملت السلطة مع توصيات المجلس المركزي وتنكرت الحكومة لبرنامجها السياسي ولم تنجح بالانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال ولا حتى في تعديل بند من بنود اتفاق باريس الاقتصادي ولم تنجح بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتستحوذ على اختصاصات السلطة التشريعية والقضائية ولم تحارب الفساد المستشري

نُدركُ جميعاً أن الفسادَ آفةٌ، وكأي آفة فهو ضارٌّ بطبيعته. أما لماذا هو ضارّ فلأنه يُفضي إلى الظلم، والإثراء بغير حق، ويعوق النماء والتقدم. ألم يُشر العلامة ابن خلدون منذ قرون إلى أن" الظلم يُفسِدُ العُمران". ثم إن الفساد، بوصف آفةً مُضرةً بالإنسان، حَرّمتُه كل الأديان والشرائع، وحذرت من عواقبه، ومن يتأمل منا في الآيات الكريمة ذات العلاقة بالفساد وما ينجم عن رذائله، يقشعر بدنُه، وينتابُه الخوف.. و"العاقبة للمتقين".

فثقافة الفساد الممنهجة والمحمية بحكم القانون والشللية والمحسوبية التي تنخر جسد الوطن تثير في النفس الاشمئزاز والقهر والاستياء ، والوطن يسرق وينهب وتباع مقدراته وخيراته في صفقات حسبها الناس تطويرا وتنمية وإبداعا وعلى طريقة نيرون الذي احرق روما اعتقادا انه يعيد بنائها بشكل أفضل !! احرقوا بلادنا بمشاريع وهميه وبشعارات باتت لا تغني ولا تسمن من جوع والاستيلاء على الأراضي الحكومية بوجه غير محق لقد مكنوا أنفسهم بقوانين وتعليمات تحمي فسادهم ، يجيرون موارد وقدرات الوطن خدمة لمصالحهم ومؤسساتهم الخاصة بقوانين تضاعف من رسوم وتكلفة الخدمات التي يقدمونها للناس ، تطاولوا على الوطن وباعوا مقدراته ، ينتظرون أن تبلغ حتى الشجرة عمرها الأول لتعرض في مزاد حتى ينهلون من صفقاتهم مالا ! منذ عقود وعقود ، يحتكرون استيراد حاجات الناس والتلاعب بأسعارها بدعم ومؤازرة من جهات متنفذه ، يتباهون بفسادهم دون خجل او حياء

لدينا مشكلة في تعريف جوهر علاقة الدولة بالمواطن. نعم في  القانون الاساس الفلسطيني واضحة، كما هي في دساتير العالم أجمع، لكن في تطبيق الدستور وترجمته على أرض الواقع والسياسات العامة المتراكمة هنالك منطقة رمادية كبيرة نمت وعشعشت وتراكمت تلك السياسات حتى أصبح المواطن لا يعرف تحديداً ماذا تريد  السلطه ؟ ولا  السلطه حددت ماذا يريد المواطن؟ هل هي علاقة واضحة من سيادة القانون والمواطنة والحقوق والواجبات أم أنّها علاقة ملتبسة، توقعات متعددة ومتضاربة، وهذا هو الواقع الحقيقي!

 لابد من طرح مفهوم جديد  “للعقد الاجتماعي”، وتحديد معالم العلاقة بين السلطة والمواطن  فهي لم تعد واضحة، وليس نقيضاً  للقانون الأساس ، بل تطبيق لمبادئه وبنوده، وتصحيح لمسار خاطئ خلال الأعوام الماضية قام على منطق سياسات الاسترضاء، بخاصة في مجال التوظيف والتنفيع والمكاسب السياسية لأفراد وشرائح، ما جعل من ذلك أشبه بـ”الحقوق المكتسبة”، وهو اسم حركي لتجاوز القانون وقيم العدالة والنزاهة والمساواة أمام القانون، كما تراخت الحكومة  في مجالات متعددة عن تطبيق القانون من خلال تعديل القانون بمراسيم اشتراعيه بقوة انفاذ القانون وضد الصالح العام  ، فدفعنا -وما نزال- ثمناً باهظاً لهذه الانحرافات الكبيرة عن القيم السياسية التي تحقق التقدم وتسير بنا إلى المستقبل وتقودنا للتحرر من الاحتلال

 

العقد الاجتماعي الجديد الذي نقترحه ، بهذا المعنى، هو نظرية للدولة  الفلسطينية العتيدة ، أشبه بدليل يوضّح: ماذا يتوقع المواطن من الدولة؟ وماذا تتوقع الدولة من المواطن؟ ويحدد مبادئ الإصلاح المطلوب في المجالات المختلفة للمرحلة المقبلة؛ الإصلاح السياسي، المالي، الاقتصادي، التعليمي، الإداري.

الأولوية اليوم لترتيب بيتنا الداخلي بعناية شديدة وتحديد الخطة المطلوبة لذلك، وتبديد الترسبات السياسية والاقتصادية والمالية التي ارتبطت بالمرحلة السابقة، وأن نفكّر جدياً وعميقاً بماذا نريد في المستقبل؟ كيف نسير نحو الأفضل؟ فهنالك سياسات ثبت أنّها أضرّت بنا كثيراً وعطّلت عجلة التنمية وأعاقت التحرر والتحرير لانعدام الرؤيا والاستراتجيه ، بل أعادتنا إلى الوراء بصورة متسارعة.

طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري ، المشكلات لا تعالج بالخطابات، والممارسات الخاطئة ورسائل “نوايا حسنة”، المهم أن يُترجم ذلك من خلال سياسات وخطوات إصلاحية واضحة وقوية في المستقبل؛ إذ نحتاج اليوم لحكومة حقيقية سياسية، وإلى رجال دولة يقومون بهذه القفزة الانتقالية على صعيد التفكير أولاً والعمل ثانياً، وهذا هو المضمون الحقيقي للعقد الاجتماعي أو النهج الجديد أو مشروع النهضة الوطنية أيّا كانت التسمية. ضمن رؤيا حقيقية تعيد النظام السياسي والفصل بين السلطات والانتقال من السلطه الى الدوله وفق قرارات الشرعيه الدوليه

التعليقات على خبر: طفح الكيل وباتت المرحلة تتطلب التغيير الجذري نحو عقد اجتماعي جديد

حمل التطبيق الأن